شروط الحبـس المـؤقت والـرقابـة علـى شـرعيته في ق.ا الجزائية الجزائري
إن الحبس المؤقت كإجراء استثنائي يجب إحاطته بضمانات فعالة لحماية الحرية الشخصية، وعليه فقد اقترن بطريقة مباشرة في عدة قوانين بشروط يجب أن تتوافر فيه باعتباره وسيلة قانونية لضمان سلامة التحقيق والمتهم والضحية ووصولا بطريقة قانونية بحتة لكشف الحقيقة .
ولكن هذه الشروط تغدو دون فائدة إذا لم تقرر رقابة على احترامها ،والتقيد بها من طرف السلطة التي خولها القانون اتخاذ هذا الإجراء، ( 1 ) وبالتالي فإن تقرير الرقابة على شرعية الحبس المؤقت، تعد بدورها ضمانة أخرى قررها المشرع لصالح المتهم المحبوس مؤقتا .
المطـلب الأول : شـروط الحبـس المـؤقت
الفرع الأول : الشـروط الشكليـة للحبـس المـؤقت
تتعدد هذه الشروط الشكلية والتي يمكن ردها إلى ثلاثة شروط وهي :
1 ) توجيه التهمة والاستجواب : إن أول الشروط الشكلية لهذا الأمر هو توجيه التهمة واستجواب المتهم ولقد نصت على ذلك المادة 100 من نفس القانون على أنه ( يتحقق قاضي التحقيق حين مثول المتهم لديه لأول مرة من هويته ويحيطه علما صراحة بكل واقعة من الوقائع المنسوبة إليه وينبهه بأنه حر في عدم الإدلاء بأي إقرار وينوه على ذلك التنبيه في المحضر ) حيث تنص هذه المادة على استجواب المتهم عند الحضور الأول الذي يعد من طبيعة خاصة تميزه عن سائر إجراءات التحقيق فلا يعد فقط إجراء بحث عن أدلة الاتهام من المتهم نفسه من خلال إدلائه التلقائي بأقواله بل يعد قبل ذلك وسيلة دفاع له إذ أنه بعد التأكد من هويته المتهم وإحاطته علما بالوقائع المنسوبة إليه وبكل ما يوجد ضده من دلائل وأن يتلى عليه النصوص القانونية التي تعاقب عليها كل ذلك يتيح الفرصة أمامه لكي يدلي بالإيضاحات التي تساعد على الكشف عن الحقيقة وتمكنه من تحضير دفاعه الذي يضمنه القانون
ولما كان الحبس المؤقت إجراء خطير لا يمكن إصدار أمر الإيداع إلا بعد استجواب المتهم حسب ما تقتضيه نص المادة 118 . 59 من ق . إ . ج فإذا أصدر قاضي التحقيق أمر الإيداع قبل استجواب المتهم يرتب على هذا الإجراء البطلان طبق للمادة 157 من ق. إ. ج لكونه إجراء جوهريا متصل بحقوق الدفاع
2 ) تسبيب الأمر بالحبس المؤقت : طبقا للتعديل الأخير لقانون الإجراءات الجزائية أصبح من القيود الواردة على سلطة قاضي التحقيق، أن يكون الأمر بالحبس المؤقت مسببا فتنص المادة 123 مكرر المضافة بالتعديل السابق ( يجب أن يؤسس أمر الوضع في الحبس المؤقت على الأسباب المنصوص عليها في المادة 123 من هذا القانون )
والتسبيب في الحقيقة هو الأساس الذي يقوم عليه كل عمل قضائي لمنع كل تعسف أو تجاوز في استعمال السلطة وحتى لا يكون الأمر بهذا الإجراء يخضع فحسب للتقرير الشخصي للقاضي، مما يضمن المساواة بين المتهمين وقد حددت المادة 123 من . ق. إ. ج الأسباب التي يبنى عليه الأمر بإيداع في الحبس المؤقت فتنص في فقرتها الثانية ( لا يمكن أن يؤمر بالحبس المؤقت أو أن يبقي عليه إلا إذ كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية في الحالات الآتية
1- إذا لم يكن للمتهم موطن مستقر أو كان لا يقدم ضمانات كافية للمثول أمام العدالة أو كانت الأفعال جد خطيرة
2- عندما يكون الحبس المؤقت الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الحجج أو الأدلة المادية أو وسيلة لمنع الضغوط على الشهود أو الضحايا أو لتفادي تواطؤ بين المتهمين والشركاء والذي قد يؤدي إلى عرقلة الكشف عن الحقيقة .
3- عندما يكون هذا الحبس ضروريا لحماية المتهم أو وضع حد للجريمة أو الوقاية من حدوثها من جديد
4- عندما يخالف المتهم من تلقاء نفسه الواجبات المترتبة على إجراءات الرقابة القضائية المحددة لها).
بالإضافة إلى ضمانات أتى بها المشرع في التعديل الأخير في مادة الحبس المؤقت، هو حق المتهم في استئناف الأمر بالوضع في الحبس المؤقت أمام غرفة الاتهام، حسب ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 123 مكرر التي تنص (يبلغ قاضي التحقيق الأمر المذكور شفاهة إلى المتهم وينبهه بأن له ثلاثة أيام من تاريخ هذا التبليغ لاستئنافه)
غير أن السؤال الذي يتبادر في الذهن بشأن التسبيب، هو كيف يكون هذا التسبيب؟ ذلك أن المادة 123 من ق. إ .ج نصت على حالات عامة فقط، فهل يعني التسبيب الأمر بالوضع في الحبس المؤقت على ذكر هذه الحالات العامة أم يقتضي الأمر إلى تسبيب مقنعا ،ومنذ تعديل المشرع لقانون الإجراءات الجزائية لم نجد تطبيقات قضائية في تحديد كيفيات هذا التسبيب وشروطه كيفياته .
03 ) مدة الحبس المؤقت : يتحكم في مدة الحبس المؤقت طبيعة الجريمة جناية أو جنحة والعقوبة المقررة لها وعملا بحكم المادتين 124 . 125 -1 – من ق. إ. ج فإن حبس المتهم مؤقتا على ذمة التحقيق يجب أن يكون لفترة محددة سلفا وهي 20 يوما و أربعة أشهر بحسب الأحوال وتكون على الوجه التالية قابلة للتجديد
3.1) مدة الحبس المؤقت في مادة الجنح :
- إذا كانت العقوبة المقررة قانونا كحد أقصى سنتين على الأقل فمدة الحبس المؤقت هي 20 يوما طبقا للمادة 124 من ق . إ . ج وبشروط وهي أن لا يكون قد حكم عليه سابق بجناية أو عقوبة الحبس مدة أكثر من ثلاثة أشهر بغير إيقاف التنفيذ لارتكابه جنحة من جنح القانون العام وأن يكون مستوطنا بالجزائر
- إذا كانت الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا تتجاوز السنتين ولكن لا تزيد على ثلاث سنوات حبسا فمدة الحبس المؤقت هي أربعة أشهر ولا يجوز تمديدها طبق للمادة 125 / فقرة 01
- إذا كانت الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا تزيد عن ثلاث سنوات حبسا فمدة الحبس المؤقت هي أربعة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة من طرف قاضي التحقيق بعد استطلاع رأى وكيل الجمهورية ويكون أمر التجديد مسببا وعليه تكون مدة الحبس المؤقت في الجنح كحد أقصى هي ثمانية أشهر غير قابلة للتجديد وبعد انتهاء مدة الحبس المؤقت المقررة قانونا يصدر قاضي التحقيق أمر الإحالة على محكمة الجنح ويبقى المتهم محبوسا في هذه الفترة إلى يوم المحاكمة فهل يعتبر حبسه جديدا أم ماذا نسميه ؟ يبق السؤال مطروح
3.2 ) مدة الحبس المؤقت في الجنايات :
إذا كانت الجريمة من جرائم القانون العام فإن الأصل فيها الحبس المؤقت أربعة أشهر قابلة للتجديد مرتين من طرف قاضي التحقيق وهذا في حالة الضرورة وبعد استطلاع وكيل الجمهورية ويكون أمر مسببا بتمديد الحبس المؤقت ليصل إلى 12 شهرا طبق لنص المادة 125 فقرة 01 من ق. إ . ج
ويجوز لقاضي التحقيق أن يطلب من غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت، لمدة أربعة أشهر غير قابلة للتجديد،لتصبح مدة الحبس المؤقت في الجنايات القانون العام، المعاقب عليها بالحبس المؤقت دون العشرين سنة ،هي 16 شهرا
وبعد إرسال ملف القضية إلى غرفة الاتهام ،فإنها تصدر قرار في الموضوع في مدة أقصاها شهرين ،وإلا أفرج عن المتهم بقوة القانون طبقا لنص المادة 197 مكرر من ق. إ. ج .
- إذا كانت الجريمة معاقب عليها بالسجن المؤقت لمدة 20 سنة أو بالسجن المؤبد أو بالإعدام، فإن تمديد الحبس المؤقت أمام قاضي التحقيق هي ثلاث مرات أي 04 أشهر الأصل + 12 أشهر تمديد من طرف القاضي التحقيق لتصبح مدة الحبس المؤقت 16 شهر، ويجوز لقاضي التحقيق قبل أجل شهر من انقضاء هذه المدة ،أن يطلب من غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت لمرة واحدة غير قابلة للتجديد، لتصبح مدة الحبس المؤقت في الجنايات المعاقب
عليها بالسجن المؤقت لمدة 20 سنة أو بالسجن المؤبد أو بالإعدام هي 20 شهرا،طبق للمادة 125 / 01 فقرة الثانية
وبعد إرسال الملف القضية إلى غرفة الاتهام، فإن عليها أن تصدر قرار في الموضوع الدعوى في أجل أربعة أشهر وإلا أفرج عن المتهم تلقائيا طبق للمادة 197 مكرر فقرة الثانية .
- إذا كانت الجريمة جناية موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية فإن تمديد الحبس المؤقت التي بيد قاضي التحقيق هي 05 مرات أي 04 أشهر الأصل + 20 شهرا تمديد من طرف قاضي التحقيق = 24 شهرا
ويجوز للقاضي التحقيق قبل انقضاء شهر من مدة الحبس المؤقت ،أن يطلب من غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت لثلاث مرات طبق للمادة 125 مكرر فقرة 05، لتصبح مدة الحبس المؤقت في الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية إلى 36 شهرا
وبعد إرسال ملف القضية إلى غرفة الاتهام، فإن عليها أن تصدر قرار في موضوع الدعوى في أجل 08 أشهر و إلا أفرج عن المتهم تلقائيا .
- إذا كانت الجريمة عابرة للحدود الوطنية فإن تمديد الحبس المؤقت التي يجوز لقاضي التحقيق الأمر بها هي 11 مرة تكون تمديد بـ أربعة أشهر أي 04 أشهر + 44 شهرا = 48 شهرا طبقا للمادة 125 مكرر فقرة الثانية
ويجوز للقاضي التحقيق قبل انقضاء شهر من مدة الحبس المؤقت التي أمر بها أن يطلب من غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت مرتين طبقا للمادة 125 مكرر فقرة الرابعة لتصبح مدة الحبس المؤقت في الجرائم العابرة للحدود
الوطنية بـ 60 شهرا، أي 04 أشهر الأصل + 44 شهرا لقاضي التحقيق + 12 أشهر من غرفة الاتهام = 60 شهرا
وبعد إرسال ملف القضية إلى غرفة الاتهام فإن عليها أن تصدر قرار في موضوع الدعوى في اجل 08 أشهر و إلا أفرج عن المتهم تلقائيا طبق للمادة 197 مكرر
الفــرع الثانـي : الشـروط المـوضوعية للحبـس المـؤقت
تتمثل الشروط الموضوعية للحبس المؤقت في الجرائم التي يجوز الحبس المؤقت فيها وكذا الشروط اللازمة توافرها للأمر بالوضع في الحبس المؤقت
1 ) الجرائم التي يجوز فيها الأمر بالوضع في الحبس المؤقت
نظر لخطورة الحبس المؤقت على الحقوق والحريات ينص قانون الإجراءات الجزائية على وجوب أن تكون الجريمة على درجة معينة من الخطورة ،وبالتالي تتوقف سلطة قاضي التحقيق في الأمر بالحبس المؤقت على نوع الجريمة وجسامتها وبما يقرره القانون لها من عقوبة، فلا يجوز الحبس أصلا إلا في الجنايات عموما والجنح المعاقب عليها بالحبس أكثر من شهرين ( 01 )، فتنص المادة 118 من ق. إ . ج ( لا يجوز لقاضي التحقيق إصدار مذكرة إيداع بمؤسسة إعادة التربية إلا بعد استجواب المتهم و إذا كانت الجريمة معاقبا عليها بعقوبة جنحة بالحبس أو بأية عقوبة أخرى أشد جسامة ) .
وعليه تستبعد الجنح المعاقب عليها بالغرامة فقط والمخالفات عموما، فلا يجوز فيها الحبس المؤقت ومثال على ذلك الجنحة المنصوص عليها بالمادة 118 من قانون العقوبات التي تعاقب على تجاوز رجال الإدارة للوظائف القضائية
حيث تعاقب عليها بالغرامة التي لا تقل عن 500 دج و لا تتجاوز 3000 دج وجنحة الإخلال بالنظم المتعلقة بالمنتجات المعدة للتصدير المنصوص عليها بالمادة 170 من قانون العقوبات والتي تعاقب بالغرامة من 500 دج إلى 20000دج وبمصادرة البضائع .
وكذلك لا يجوز حبس القاصر الذي لم يبلغ السن 13 سنة كاملة حبسا مؤقتا وفق للمادة 456 من ق . إ . ج
2 ) الشروط الواردة بالمادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية
تنص المادة 123 من ق . إ . ج المعدلة بالقانون رقم 01 / 08 المؤرخ في 26 يونيو 2001 على أن ( الحبس المؤقت إجراء استثنائي لا يمكن أن يؤمر بالحبس المؤقت أو أن يبقى عليه إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية في الحالات الآتية :
- إذا لم يكن للمتهم موطن مستقر أو كان لا يقدم ضمانات كافية للمثول أمام العدالة أو كانت الأفعال جد خطيرة
- عندما يكون الحبس المؤقت الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الحجج أو الأدلة المادية أو وسيلة لمنع الضغوط على الشهود أو الضحايا أو لتفادي تواطؤ بين المتهمين والشركاء والذي قد يؤدي إلى عرقلة الكشف عن الحقيقة
- عندما يكون هذا الحبس ضروريا لحماية المتهم أو وضع حد الجريمة أو الوقاية من حدوثها من جديد
- عندما يخالف المتهم من تلقاء نفسه الواجبات المترتبة على إجراء الرقابة القضائية المحددة لها )
01 تقسيم الجرائم من جنح جنايات مخالفات فتقسيم الجنح من شهرين إلى خمسة سنوات
ويبدو أن المشرع الجزائري قد حصر شروط الأمر بالوضع في الحبس المؤقت، في الشروط أو الحالات التي عددتها المادة 123 من ق. إ. ج ويضيف الفقه شرطا جوهريا وهو وجود دلائل كافية على الاتهام، ما دام المشرع الجزائري قد سكت عن هذا الشرط فهو سكوت ظاهري ،فالمادة 89 الفقرة الثانية من ق. إ .ج تنص على أن ( لا يجوز لقاضي التحقيق المناط به إجراء تحقيق ما ولا لرجال القضاء وضباط الشرط القضائية المعهود إليهم القيام
بإجراء بمقتضى إنابة قضائية بغية إحباط حقوق الدفاع الاستماع إلى شهادة أشخاص، تقوم ضدهم دلائل قوية ومتوافقة على قيام اتهام في حقهم ) فقد علقت هذه المادة على توافر دلائل قوية ومتوافقة، وبالتالي فإن ضرورة توافر دلائل كافية على الاتهام أمر لابد منه لجواز الأمر بالوضع في الحبس المؤقت
وتعرف الدلائل القوية والمتوافقة ،بأنها الشبهات التي تستند إلى ظروف الواقعة ،والتي تؤدي لاعتقاد بنسبة الجريمة المتهم اعتقادا لا يرقي إليه شك .
ومن خلال هذه الشروط التي نص عليها المشرع في المادة 123 من ق. إ. ج نرى وأنها ذات معايير مرنة يصعب مراقبتها لأنها تخضع في مجملها للسلطة التقديرية للقاضي، وهي مسألة يختلف فيها الأشخاص من هذا إلى ذلك
أما المشرع الفرنسي فقد نص في المادة 137 من ق. إ. ج الفرنسي على أنه يوضع الشخص المتابع على سبيل الاستثناء رهن الحبس المؤقت، كما نص على شروط الحبس المؤقت في الفقرة الثالثة من المادة 137 السالفة الذكر والتي تجعل قاضي الحريات والحبس يفصل بموجب أمر مسبب عندما يأمر أو يمدد الحبس المؤقت أو يرفض طلب الإفراج، يستوجب ذكر الأسباب القانونية أو العلمية بعدم كفاية إجراءات الرقابة القضائية ،وكذا سبب الحبس عملا بأحكام المادتين 143 مكرر 1 . 144 من ق. إ. ج الفرنسي اللتان نصت على الشروط التي يجوز فيها لقاضي التحقيق أو قاضي الحريات والحبس أن يلجأ إلى الحبس المتهم مؤقتا وهي :
- في حالة خضوع الشخص لعقوبة جنائية
- في حالة خضوع الشخص لجنحة معاقب عليها لمدة تساوي أو تزيد عن ثلاثة سنوات حبسا
يمكن الأمر كذلك بالحبس المؤقت ضمن الشروط المحددة بالمادة 141 الفقرة الثانية في حالة ما إذا عمد الشخص المتابع إلى الإخلال بالتزامات الرقابة القضائية كما أضافت المادة 144 من نفس القانون أنه لا يؤمر بالحبس المؤقت أو تمديده إلا عندما يكون الحبس المؤقت الوسيلة الوحيدة للحفاظ على القرائن أو الأدلة المادية أو وسيلة لمنع الضغوط على الشهود أو الضحايا وإما لتفادي تواطؤ المتهمين والشركاء
المطلب الثاني : الـرقابـة علـى شـرعيـة الأمـر بالوضـع فـي الحبس المؤقت
تتمثل رقابة الشرعية على الامر بالوضع في الحبس المؤقت في رقابة الإدارية التي هي من اختصاص رئيس غرفة الاتهام و الرقابة القضائية التي هي من اختصاص غرفة الاتهام التي تعد مصفاة الإجراءات التي يتخذها قاضي التحقيق .
وعليه فإننا نقسم هذا المطلب إلى فرعين، الأول نخصصه للرقابة الإدارية على شرعية الامر بالوضع في الحبس المؤقت، والفرع الثاني نخصصه للرقابة القضائية والمتمثلة في غرفة الاتهام .
الفرع الأول : الرقابة الإدارية على شرعية الحبس المؤقت
لقد أعطى المشرع الجزائري لرئيس غرفة الاتهام صلاحية مراقبة قضاة التحقيق، من خلال المراقبة الإدارية فتنص المادة 203 من ق. إ. ج ( يراقب رئيس غرفة الاتهام ويشرف على مجرى إجراءات التحقيق المتبعة في جميع مكاتب التحقيق بدائرة المجلس )
وتشمل رقابة رئيس غرفة الاتهام ،بالإضافة إلى سلطة الإشراف على سير التحقيق سلطة مراقبة الحبس المؤقت طبقا للمادة 204 من ق. إ. ج من خلال تلقيه كل ثلاثة أشهر قائمة تحتوى على جميع القضايا المتداولة وقائمة خاصة تتضمن أسماء المتهمين المحبوسين مؤقتا كما له أن يزور كل مؤسسة عقابية في دائرة المجلس القضائي لكي يتحقق من حالة المحبوسين مؤقتا ،وإذا ما بدا له أن الحبس المؤقت غير قانوني وجه إلى قاضي التحقيق الملاحظات الشفوية ،ويستطيع أن يقدم طلب إلى غرفة الاتهام لكي تنعقد بطلب منه كي تفصل في مسألة الحبس المؤقت للمتهم طبق للمادتين 178 . 205 من القانون الإجراءات الجزائية
الفـرع الثانـي : الرقابة القضائية على شرعية الأمر بالوضع في الحبس المؤقت
تتمثل الرقابة القضائية في غرفة الاتهام الذي أعطها المشرع الجزائري صلاحية مراقبة شرعية الأوامر الصادرة عن الحبس المؤقت،وذلك على اعتبار أنها جهة التحقيق الدرجة الثانية وهذا في حد ذاته ضمانة للمتهم في احترام حقوقه التي كفلها له القانون وضمان حماية الحق العام في سير إجراءات التحقيق على الوجه الذي رسمه المشرع من جهة أخرى
وتختص غرفة الاتهام على مراقبة شرعية الامر بالوضع في الحبس المؤقت ،من خلال نظرها في استئنافات المرفوعة إليها من طرف المتهم أو النيابة العامة سواء من وكيل الجمهورية أو النائب العام لدى المجلس القضائي أو من خلال طلب المرفوع إليها من طرف المتهم تظلما من تقاعس قاضي التحقيق عن الفصل في طلب الإفراج بعد انقضاء أجل 8 أيام من تاريخ تقديم الطلب طبق لما تقتضيه المادتين 126 / 1 . 126 / 2 من ق. إ. ج.
و حق المتهم في استئناف أمر بالوضع في الحبس المؤقت، هو حق مستحدث بموجب التعديل الجديد لقانون الإجراءات الجزائية، ويكون ذلك في أجل ثلاثة أيام من تاريخ تبليغ الأمر بالوضع في الحبس المؤقت شفاهة وبالكيفية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 123 مكرر من ق . إ . ج، والتي نصت على انه ( يبلغ قاضي التحقيق الأمر المذكور شفاهة إلى المتهم وينبهه بأن له ثلاثة أيام من تاريخ هذا التبليغ لاستئنافه )
وبهذه الضمانة التي منحت للمتهم في استئناف الأمر بالوضع في الحبس المؤقت، يكون المشرع الجزائري قد أضفى الطبيعة القضائية على هذا الأمر، بعدما كان مجر أمر ولائي مجرد من أية رقابة قضائية
وتتمثل هذه الرقابة في كفاية الأسباب التي بني عليها أمر الوضع في الحبس المؤقت ،بالنظر في الشروط القانونية وسلامة الإجراءات كذلك
وتتسع صلاحية غرفة الاتهام في مراقبة الحبس المؤقت، من خلال نظرها في بطلان إجراء من إجراءات التحقيق وبالتحديد فإنها حين تقرر بطلان الاستجواب الأولى فإنها تقرر بصفة تبعية بطلان الحبس المؤقت ،وهذا بموجب المادة 157 من ق. إ. ج التي نصت على أنه تراعي الإحكام المقررة في المادة 100 المتعلقة باستجواب المتهمين
والمادة 105 المتعلقة بسماع المدعى المدني وإلا تترتب على مخالفتها بطلان الإجراء نفسه وما يتلوه من إجراءات
وتصدر غرفة الاتهام قراراتها سواء بإلغاء أمر الوضع في الحبس المؤقت ،أو إلغاء أمر تمديده والأمر من جديد بالإفراج عن المتهم ،وقد تأمر بتأييد أمر قاضي التحقيق بالوضع في الحبس المؤقت أو تمديده .
غير أنه تجدر الإشارة بأن قرارات غرفة الاتهام في مادة الحبس المؤقت ،غير قابلة للطعن بالنقض طبق للمادة 495 من ق . إ . ج .
إن الحبس المؤقت كإجراء استثنائي يجب إحاطته بضمانات فعالة لحماية الحرية الشخصية، وعليه فقد اقترن بطريقة مباشرة في عدة قوانين بشروط يجب أن تتوافر فيه باعتباره وسيلة قانونية لضمان سلامة التحقيق والمتهم والضحية ووصولا بطريقة قانونية بحتة لكشف الحقيقة .
ولكن هذه الشروط تغدو دون فائدة إذا لم تقرر رقابة على احترامها ،والتقيد بها من طرف السلطة التي خولها القانون اتخاذ هذا الإجراء، ( 1 ) وبالتالي فإن تقرير الرقابة على شرعية الحبس المؤقت، تعد بدورها ضمانة أخرى قررها المشرع لصالح المتهم المحبوس مؤقتا .
المطـلب الأول : شـروط الحبـس المـؤقت
الفرع الأول : الشـروط الشكليـة للحبـس المـؤقت
تتعدد هذه الشروط الشكلية والتي يمكن ردها إلى ثلاثة شروط وهي :
1 ) توجيه التهمة والاستجواب : إن أول الشروط الشكلية لهذا الأمر هو توجيه التهمة واستجواب المتهم ولقد نصت على ذلك المادة 100 من نفس القانون على أنه ( يتحقق قاضي التحقيق حين مثول المتهم لديه لأول مرة من هويته ويحيطه علما صراحة بكل واقعة من الوقائع المنسوبة إليه وينبهه بأنه حر في عدم الإدلاء بأي إقرار وينوه على ذلك التنبيه في المحضر ) حيث تنص هذه المادة على استجواب المتهم عند الحضور الأول الذي يعد من طبيعة خاصة تميزه عن سائر إجراءات التحقيق فلا يعد فقط إجراء بحث عن أدلة الاتهام من المتهم نفسه من خلال إدلائه التلقائي بأقواله بل يعد قبل ذلك وسيلة دفاع له إذ أنه بعد التأكد من هويته المتهم وإحاطته علما بالوقائع المنسوبة إليه وبكل ما يوجد ضده من دلائل وأن يتلى عليه النصوص القانونية التي تعاقب عليها كل ذلك يتيح الفرصة أمامه لكي يدلي بالإيضاحات التي تساعد على الكشف عن الحقيقة وتمكنه من تحضير دفاعه الذي يضمنه القانون
ولما كان الحبس المؤقت إجراء خطير لا يمكن إصدار أمر الإيداع إلا بعد استجواب المتهم حسب ما تقتضيه نص المادة 118 . 59 من ق . إ . ج فإذا أصدر قاضي التحقيق أمر الإيداع قبل استجواب المتهم يرتب على هذا الإجراء البطلان طبق للمادة 157 من ق. إ. ج لكونه إجراء جوهريا متصل بحقوق الدفاع
2 ) تسبيب الأمر بالحبس المؤقت : طبقا للتعديل الأخير لقانون الإجراءات الجزائية أصبح من القيود الواردة على سلطة قاضي التحقيق، أن يكون الأمر بالحبس المؤقت مسببا فتنص المادة 123 مكرر المضافة بالتعديل السابق ( يجب أن يؤسس أمر الوضع في الحبس المؤقت على الأسباب المنصوص عليها في المادة 123 من هذا القانون )
والتسبيب في الحقيقة هو الأساس الذي يقوم عليه كل عمل قضائي لمنع كل تعسف أو تجاوز في استعمال السلطة وحتى لا يكون الأمر بهذا الإجراء يخضع فحسب للتقرير الشخصي للقاضي، مما يضمن المساواة بين المتهمين وقد حددت المادة 123 من . ق. إ. ج الأسباب التي يبنى عليه الأمر بإيداع في الحبس المؤقت فتنص في فقرتها الثانية ( لا يمكن أن يؤمر بالحبس المؤقت أو أن يبقي عليه إلا إذ كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية في الحالات الآتية
1- إذا لم يكن للمتهم موطن مستقر أو كان لا يقدم ضمانات كافية للمثول أمام العدالة أو كانت الأفعال جد خطيرة
2- عندما يكون الحبس المؤقت الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الحجج أو الأدلة المادية أو وسيلة لمنع الضغوط على الشهود أو الضحايا أو لتفادي تواطؤ بين المتهمين والشركاء والذي قد يؤدي إلى عرقلة الكشف عن الحقيقة .
3- عندما يكون هذا الحبس ضروريا لحماية المتهم أو وضع حد للجريمة أو الوقاية من حدوثها من جديد
4- عندما يخالف المتهم من تلقاء نفسه الواجبات المترتبة على إجراءات الرقابة القضائية المحددة لها).
بالإضافة إلى ضمانات أتى بها المشرع في التعديل الأخير في مادة الحبس المؤقت، هو حق المتهم في استئناف الأمر بالوضع في الحبس المؤقت أمام غرفة الاتهام، حسب ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 123 مكرر التي تنص (يبلغ قاضي التحقيق الأمر المذكور شفاهة إلى المتهم وينبهه بأن له ثلاثة أيام من تاريخ هذا التبليغ لاستئنافه)
غير أن السؤال الذي يتبادر في الذهن بشأن التسبيب، هو كيف يكون هذا التسبيب؟ ذلك أن المادة 123 من ق. إ .ج نصت على حالات عامة فقط، فهل يعني التسبيب الأمر بالوضع في الحبس المؤقت على ذكر هذه الحالات العامة أم يقتضي الأمر إلى تسبيب مقنعا ،ومنذ تعديل المشرع لقانون الإجراءات الجزائية لم نجد تطبيقات قضائية في تحديد كيفيات هذا التسبيب وشروطه كيفياته .
03 ) مدة الحبس المؤقت : يتحكم في مدة الحبس المؤقت طبيعة الجريمة جناية أو جنحة والعقوبة المقررة لها وعملا بحكم المادتين 124 . 125 -1 – من ق. إ. ج فإن حبس المتهم مؤقتا على ذمة التحقيق يجب أن يكون لفترة محددة سلفا وهي 20 يوما و أربعة أشهر بحسب الأحوال وتكون على الوجه التالية قابلة للتجديد
3.1) مدة الحبس المؤقت في مادة الجنح :
- إذا كانت العقوبة المقررة قانونا كحد أقصى سنتين على الأقل فمدة الحبس المؤقت هي 20 يوما طبقا للمادة 124 من ق . إ . ج وبشروط وهي أن لا يكون قد حكم عليه سابق بجناية أو عقوبة الحبس مدة أكثر من ثلاثة أشهر بغير إيقاف التنفيذ لارتكابه جنحة من جنح القانون العام وأن يكون مستوطنا بالجزائر
- إذا كانت الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا تتجاوز السنتين ولكن لا تزيد على ثلاث سنوات حبسا فمدة الحبس المؤقت هي أربعة أشهر ولا يجوز تمديدها طبق للمادة 125 / فقرة 01
- إذا كانت الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا تزيد عن ثلاث سنوات حبسا فمدة الحبس المؤقت هي أربعة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة من طرف قاضي التحقيق بعد استطلاع رأى وكيل الجمهورية ويكون أمر التجديد مسببا وعليه تكون مدة الحبس المؤقت في الجنح كحد أقصى هي ثمانية أشهر غير قابلة للتجديد وبعد انتهاء مدة الحبس المؤقت المقررة قانونا يصدر قاضي التحقيق أمر الإحالة على محكمة الجنح ويبقى المتهم محبوسا في هذه الفترة إلى يوم المحاكمة فهل يعتبر حبسه جديدا أم ماذا نسميه ؟ يبق السؤال مطروح
3.2 ) مدة الحبس المؤقت في الجنايات :
إذا كانت الجريمة من جرائم القانون العام فإن الأصل فيها الحبس المؤقت أربعة أشهر قابلة للتجديد مرتين من طرف قاضي التحقيق وهذا في حالة الضرورة وبعد استطلاع وكيل الجمهورية ويكون أمر مسببا بتمديد الحبس المؤقت ليصل إلى 12 شهرا طبق لنص المادة 125 فقرة 01 من ق. إ . ج
ويجوز لقاضي التحقيق أن يطلب من غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت، لمدة أربعة أشهر غير قابلة للتجديد،لتصبح مدة الحبس المؤقت في الجنايات القانون العام، المعاقب عليها بالحبس المؤقت دون العشرين سنة ،هي 16 شهرا
وبعد إرسال ملف القضية إلى غرفة الاتهام ،فإنها تصدر قرار في الموضوع في مدة أقصاها شهرين ،وإلا أفرج عن المتهم بقوة القانون طبقا لنص المادة 197 مكرر من ق. إ. ج .
- إذا كانت الجريمة معاقب عليها بالسجن المؤقت لمدة 20 سنة أو بالسجن المؤبد أو بالإعدام، فإن تمديد الحبس المؤقت أمام قاضي التحقيق هي ثلاث مرات أي 04 أشهر الأصل + 12 أشهر تمديد من طرف القاضي التحقيق لتصبح مدة الحبس المؤقت 16 شهر، ويجوز لقاضي التحقيق قبل أجل شهر من انقضاء هذه المدة ،أن يطلب من غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت لمرة واحدة غير قابلة للتجديد، لتصبح مدة الحبس المؤقت في الجنايات المعاقب
عليها بالسجن المؤقت لمدة 20 سنة أو بالسجن المؤبد أو بالإعدام هي 20 شهرا،طبق للمادة 125 / 01 فقرة الثانية
وبعد إرسال الملف القضية إلى غرفة الاتهام، فإن عليها أن تصدر قرار في الموضوع الدعوى في أجل أربعة أشهر وإلا أفرج عن المتهم تلقائيا طبق للمادة 197 مكرر فقرة الثانية .
- إذا كانت الجريمة جناية موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية فإن تمديد الحبس المؤقت التي بيد قاضي التحقيق هي 05 مرات أي 04 أشهر الأصل + 20 شهرا تمديد من طرف قاضي التحقيق = 24 شهرا
ويجوز للقاضي التحقيق قبل انقضاء شهر من مدة الحبس المؤقت ،أن يطلب من غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت لثلاث مرات طبق للمادة 125 مكرر فقرة 05، لتصبح مدة الحبس المؤقت في الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية إلى 36 شهرا
وبعد إرسال ملف القضية إلى غرفة الاتهام، فإن عليها أن تصدر قرار في موضوع الدعوى في أجل 08 أشهر و إلا أفرج عن المتهم تلقائيا .
- إذا كانت الجريمة عابرة للحدود الوطنية فإن تمديد الحبس المؤقت التي يجوز لقاضي التحقيق الأمر بها هي 11 مرة تكون تمديد بـ أربعة أشهر أي 04 أشهر + 44 شهرا = 48 شهرا طبقا للمادة 125 مكرر فقرة الثانية
ويجوز للقاضي التحقيق قبل انقضاء شهر من مدة الحبس المؤقت التي أمر بها أن يطلب من غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت مرتين طبقا للمادة 125 مكرر فقرة الرابعة لتصبح مدة الحبس المؤقت في الجرائم العابرة للحدود
الوطنية بـ 60 شهرا، أي 04 أشهر الأصل + 44 شهرا لقاضي التحقيق + 12 أشهر من غرفة الاتهام = 60 شهرا
وبعد إرسال ملف القضية إلى غرفة الاتهام فإن عليها أن تصدر قرار في موضوع الدعوى في اجل 08 أشهر و إلا أفرج عن المتهم تلقائيا طبق للمادة 197 مكرر
الفــرع الثانـي : الشـروط المـوضوعية للحبـس المـؤقت
تتمثل الشروط الموضوعية للحبس المؤقت في الجرائم التي يجوز الحبس المؤقت فيها وكذا الشروط اللازمة توافرها للأمر بالوضع في الحبس المؤقت
1 ) الجرائم التي يجوز فيها الأمر بالوضع في الحبس المؤقت
نظر لخطورة الحبس المؤقت على الحقوق والحريات ينص قانون الإجراءات الجزائية على وجوب أن تكون الجريمة على درجة معينة من الخطورة ،وبالتالي تتوقف سلطة قاضي التحقيق في الأمر بالحبس المؤقت على نوع الجريمة وجسامتها وبما يقرره القانون لها من عقوبة، فلا يجوز الحبس أصلا إلا في الجنايات عموما والجنح المعاقب عليها بالحبس أكثر من شهرين ( 01 )، فتنص المادة 118 من ق. إ . ج ( لا يجوز لقاضي التحقيق إصدار مذكرة إيداع بمؤسسة إعادة التربية إلا بعد استجواب المتهم و إذا كانت الجريمة معاقبا عليها بعقوبة جنحة بالحبس أو بأية عقوبة أخرى أشد جسامة ) .
وعليه تستبعد الجنح المعاقب عليها بالغرامة فقط والمخالفات عموما، فلا يجوز فيها الحبس المؤقت ومثال على ذلك الجنحة المنصوص عليها بالمادة 118 من قانون العقوبات التي تعاقب على تجاوز رجال الإدارة للوظائف القضائية
حيث تعاقب عليها بالغرامة التي لا تقل عن 500 دج و لا تتجاوز 3000 دج وجنحة الإخلال بالنظم المتعلقة بالمنتجات المعدة للتصدير المنصوص عليها بالمادة 170 من قانون العقوبات والتي تعاقب بالغرامة من 500 دج إلى 20000دج وبمصادرة البضائع .
وكذلك لا يجوز حبس القاصر الذي لم يبلغ السن 13 سنة كاملة حبسا مؤقتا وفق للمادة 456 من ق . إ . ج
2 ) الشروط الواردة بالمادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية
تنص المادة 123 من ق . إ . ج المعدلة بالقانون رقم 01 / 08 المؤرخ في 26 يونيو 2001 على أن ( الحبس المؤقت إجراء استثنائي لا يمكن أن يؤمر بالحبس المؤقت أو أن يبقى عليه إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية في الحالات الآتية :
- إذا لم يكن للمتهم موطن مستقر أو كان لا يقدم ضمانات كافية للمثول أمام العدالة أو كانت الأفعال جد خطيرة
- عندما يكون الحبس المؤقت الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الحجج أو الأدلة المادية أو وسيلة لمنع الضغوط على الشهود أو الضحايا أو لتفادي تواطؤ بين المتهمين والشركاء والذي قد يؤدي إلى عرقلة الكشف عن الحقيقة
- عندما يكون هذا الحبس ضروريا لحماية المتهم أو وضع حد الجريمة أو الوقاية من حدوثها من جديد
- عندما يخالف المتهم من تلقاء نفسه الواجبات المترتبة على إجراء الرقابة القضائية المحددة لها )
01 تقسيم الجرائم من جنح جنايات مخالفات فتقسيم الجنح من شهرين إلى خمسة سنوات
ويبدو أن المشرع الجزائري قد حصر شروط الأمر بالوضع في الحبس المؤقت، في الشروط أو الحالات التي عددتها المادة 123 من ق. إ. ج ويضيف الفقه شرطا جوهريا وهو وجود دلائل كافية على الاتهام، ما دام المشرع الجزائري قد سكت عن هذا الشرط فهو سكوت ظاهري ،فالمادة 89 الفقرة الثانية من ق. إ .ج تنص على أن ( لا يجوز لقاضي التحقيق المناط به إجراء تحقيق ما ولا لرجال القضاء وضباط الشرط القضائية المعهود إليهم القيام
بإجراء بمقتضى إنابة قضائية بغية إحباط حقوق الدفاع الاستماع إلى شهادة أشخاص، تقوم ضدهم دلائل قوية ومتوافقة على قيام اتهام في حقهم ) فقد علقت هذه المادة على توافر دلائل قوية ومتوافقة، وبالتالي فإن ضرورة توافر دلائل كافية على الاتهام أمر لابد منه لجواز الأمر بالوضع في الحبس المؤقت
وتعرف الدلائل القوية والمتوافقة ،بأنها الشبهات التي تستند إلى ظروف الواقعة ،والتي تؤدي لاعتقاد بنسبة الجريمة المتهم اعتقادا لا يرقي إليه شك .
ومن خلال هذه الشروط التي نص عليها المشرع في المادة 123 من ق. إ. ج نرى وأنها ذات معايير مرنة يصعب مراقبتها لأنها تخضع في مجملها للسلطة التقديرية للقاضي، وهي مسألة يختلف فيها الأشخاص من هذا إلى ذلك
أما المشرع الفرنسي فقد نص في المادة 137 من ق. إ. ج الفرنسي على أنه يوضع الشخص المتابع على سبيل الاستثناء رهن الحبس المؤقت، كما نص على شروط الحبس المؤقت في الفقرة الثالثة من المادة 137 السالفة الذكر والتي تجعل قاضي الحريات والحبس يفصل بموجب أمر مسبب عندما يأمر أو يمدد الحبس المؤقت أو يرفض طلب الإفراج، يستوجب ذكر الأسباب القانونية أو العلمية بعدم كفاية إجراءات الرقابة القضائية ،وكذا سبب الحبس عملا بأحكام المادتين 143 مكرر 1 . 144 من ق. إ. ج الفرنسي اللتان نصت على الشروط التي يجوز فيها لقاضي التحقيق أو قاضي الحريات والحبس أن يلجأ إلى الحبس المتهم مؤقتا وهي :
- في حالة خضوع الشخص لعقوبة جنائية
- في حالة خضوع الشخص لجنحة معاقب عليها لمدة تساوي أو تزيد عن ثلاثة سنوات حبسا
يمكن الأمر كذلك بالحبس المؤقت ضمن الشروط المحددة بالمادة 141 الفقرة الثانية في حالة ما إذا عمد الشخص المتابع إلى الإخلال بالتزامات الرقابة القضائية كما أضافت المادة 144 من نفس القانون أنه لا يؤمر بالحبس المؤقت أو تمديده إلا عندما يكون الحبس المؤقت الوسيلة الوحيدة للحفاظ على القرائن أو الأدلة المادية أو وسيلة لمنع الضغوط على الشهود أو الضحايا وإما لتفادي تواطؤ المتهمين والشركاء
المطلب الثاني : الـرقابـة علـى شـرعيـة الأمـر بالوضـع فـي الحبس المؤقت
تتمثل رقابة الشرعية على الامر بالوضع في الحبس المؤقت في رقابة الإدارية التي هي من اختصاص رئيس غرفة الاتهام و الرقابة القضائية التي هي من اختصاص غرفة الاتهام التي تعد مصفاة الإجراءات التي يتخذها قاضي التحقيق .
وعليه فإننا نقسم هذا المطلب إلى فرعين، الأول نخصصه للرقابة الإدارية على شرعية الامر بالوضع في الحبس المؤقت، والفرع الثاني نخصصه للرقابة القضائية والمتمثلة في غرفة الاتهام .
الفرع الأول : الرقابة الإدارية على شرعية الحبس المؤقت
لقد أعطى المشرع الجزائري لرئيس غرفة الاتهام صلاحية مراقبة قضاة التحقيق، من خلال المراقبة الإدارية فتنص المادة 203 من ق. إ. ج ( يراقب رئيس غرفة الاتهام ويشرف على مجرى إجراءات التحقيق المتبعة في جميع مكاتب التحقيق بدائرة المجلس )
وتشمل رقابة رئيس غرفة الاتهام ،بالإضافة إلى سلطة الإشراف على سير التحقيق سلطة مراقبة الحبس المؤقت طبقا للمادة 204 من ق. إ. ج من خلال تلقيه كل ثلاثة أشهر قائمة تحتوى على جميع القضايا المتداولة وقائمة خاصة تتضمن أسماء المتهمين المحبوسين مؤقتا كما له أن يزور كل مؤسسة عقابية في دائرة المجلس القضائي لكي يتحقق من حالة المحبوسين مؤقتا ،وإذا ما بدا له أن الحبس المؤقت غير قانوني وجه إلى قاضي التحقيق الملاحظات الشفوية ،ويستطيع أن يقدم طلب إلى غرفة الاتهام لكي تنعقد بطلب منه كي تفصل في مسألة الحبس المؤقت للمتهم طبق للمادتين 178 . 205 من القانون الإجراءات الجزائية
الفـرع الثانـي : الرقابة القضائية على شرعية الأمر بالوضع في الحبس المؤقت
تتمثل الرقابة القضائية في غرفة الاتهام الذي أعطها المشرع الجزائري صلاحية مراقبة شرعية الأوامر الصادرة عن الحبس المؤقت،وذلك على اعتبار أنها جهة التحقيق الدرجة الثانية وهذا في حد ذاته ضمانة للمتهم في احترام حقوقه التي كفلها له القانون وضمان حماية الحق العام في سير إجراءات التحقيق على الوجه الذي رسمه المشرع من جهة أخرى
وتختص غرفة الاتهام على مراقبة شرعية الامر بالوضع في الحبس المؤقت ،من خلال نظرها في استئنافات المرفوعة إليها من طرف المتهم أو النيابة العامة سواء من وكيل الجمهورية أو النائب العام لدى المجلس القضائي أو من خلال طلب المرفوع إليها من طرف المتهم تظلما من تقاعس قاضي التحقيق عن الفصل في طلب الإفراج بعد انقضاء أجل 8 أيام من تاريخ تقديم الطلب طبق لما تقتضيه المادتين 126 / 1 . 126 / 2 من ق. إ. ج.
و حق المتهم في استئناف أمر بالوضع في الحبس المؤقت، هو حق مستحدث بموجب التعديل الجديد لقانون الإجراءات الجزائية، ويكون ذلك في أجل ثلاثة أيام من تاريخ تبليغ الأمر بالوضع في الحبس المؤقت شفاهة وبالكيفية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 123 مكرر من ق . إ . ج، والتي نصت على انه ( يبلغ قاضي التحقيق الأمر المذكور شفاهة إلى المتهم وينبهه بأن له ثلاثة أيام من تاريخ هذا التبليغ لاستئنافه )
وبهذه الضمانة التي منحت للمتهم في استئناف الأمر بالوضع في الحبس المؤقت، يكون المشرع الجزائري قد أضفى الطبيعة القضائية على هذا الأمر، بعدما كان مجر أمر ولائي مجرد من أية رقابة قضائية
وتتمثل هذه الرقابة في كفاية الأسباب التي بني عليها أمر الوضع في الحبس المؤقت ،بالنظر في الشروط القانونية وسلامة الإجراءات كذلك
وتتسع صلاحية غرفة الاتهام في مراقبة الحبس المؤقت، من خلال نظرها في بطلان إجراء من إجراءات التحقيق وبالتحديد فإنها حين تقرر بطلان الاستجواب الأولى فإنها تقرر بصفة تبعية بطلان الحبس المؤقت ،وهذا بموجب المادة 157 من ق. إ. ج التي نصت على أنه تراعي الإحكام المقررة في المادة 100 المتعلقة باستجواب المتهمين
والمادة 105 المتعلقة بسماع المدعى المدني وإلا تترتب على مخالفتها بطلان الإجراء نفسه وما يتلوه من إجراءات
وتصدر غرفة الاتهام قراراتها سواء بإلغاء أمر الوضع في الحبس المؤقت ،أو إلغاء أمر تمديده والأمر من جديد بالإفراج عن المتهم ،وقد تأمر بتأييد أمر قاضي التحقيق بالوضع في الحبس المؤقت أو تمديده .
غير أنه تجدر الإشارة بأن قرارات غرفة الاتهام في مادة الحبس المؤقت ،غير قابلة للطعن بالنقض طبق للمادة 495 من ق . إ . ج .